يذهب بوستيلز (2011: 83) إلى أن
الإنسان عند هوبز لا يمكن أن
يكون سياسيا بطبعه كما ذهب إلى ذلك أرسطو. السياسة بالنسبة إلى الإنسان تأتي في
مرحلة ثانية، أي تأتي بعد القرار الذي يتخذه الإنسان بشأن الوضع القائم في حالة
الطبيعة.
ويلوح لي أن بوستيلز يومئ هنا إلى ما كان قد ذكره هوبز
في كتابه (De Cive)، حيث
بين هذا الأخير (في الفصل الخامس، ص 87- 88) أن اصطلاح أرسطو 'حيوان سياسي'، لا
يصدق عنده على الإنسان فقط، بل يصدق أيضا على كائنات أخرى كالنمل والنحل وغيرها. فهذه
الكائنات حتى وإن كانت تفتقر إلى العقل الذي يمكنها من الدخول طرفا في عقد، يجعلها
تخضع لحكومة، فإنها تستطيع مع ذلك في نظر هوبز، أن تنقاد وتتبع وتتجنب الأشياء
نفسها، وتستطيع بذلك أن توجه أفعالها نحو غاية مشتركة. غير أن هذا الضرب من
الاجتماع الذي تحققه هذه الكائنات لا يبني حكومة مدنية. لهذا السبب
يرى هوبز أننا لا نستطيع أن نقول عن هذه الحيوانات إنها حيوانات سياسية،
لا نستطيع ذلك لأن حكومتها لا تتعدى كونها انقيادا (انصياعا)، أو أن إراداتِها لا
تتعدى كونها تلتقي عند موضوع واحد. وهذا أمر يختلف عما يكون عليه الحال في الحكومة
المدنية، حيث تنصهر الإرادات وتصير إرادة واحدة... انصياع (إذعان) هذه المخلوقات
المتوحشة انصياع طبيعي، أما انصياع البشر فلا يكون إلا بالاتفاق (الميثاق، العقد)
وحده، إنه بهذا المعنى انصياع اصطناعي وليس طبيعيا.
Bruno Bosteels. The Actuality of Communism. London: Verso. 2011, p. 83.
Thomas Hobbes. De Cive. The English Version (Hobbes, Thomas, Works. Vol.
3.). Oxford University
Press. 1983. Chap. V. p. 87- 88.