"إذا كانت المواطنة أمرا يخص العلاقات التي تربط الأفراد بالدولة التي ينتمون إليها، أقصد العلاقات التي تنشأ في قلب الدولة المعنية، فإنها تعد أيضا إحدى العلامات التي تلجأ إليها الدول في سعيها إلى ضبط حركات البشر الذين يعبرون حدودها. من هذه الجهة تكون المواطنة مكونا رئيسا في نظام موسع لإدارة البشر؛ نظام يعمل في المقام الأول على تقسيم البشرية إلى أقسام فرعية، كل قسم منها يقع تحت دولة بعينها، ويعمل في المقام الثاني على أن تتكفل كل دولة بإدارة شؤونها الداخلية (بما في ذلك ضبط كيفيات الدخول إليها والخروج منها). إن النتيجة المزعجة التي تترتب على العنصر الأول المتصل بتقسيم البشرية إلى أقسام فرعية صغرى تحت إشراف الدول، هي أن كل دولة يُنتظر منها أن تتكفل بمواطنيها ولا تُعير كبير اهتمام لظروف أولئك الذين يبدو عليهم الانتماء إلى دول أخرى. لذلك، على الرغم من أن إعلان الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان يمكن أن يصف نفسه بأنه إعلان كوني من حيث مجال انطباقه، فإن المسؤولية عن إحقاق الحقوق التي تضمنها طيه أنيطت بالدولة التي ينتمي إليها الإنسان المعني؛ وهذا يرفع الكلفة عن الدول الأخرى ولا يترك لها إلا مسؤولية هامشية ومحدودة. أما العنصر الثاني المتصل بإدارة الدولة لشؤونها الداخلية، فيشير إلى أن الدول التي تفشل في الإيفاء بالتزاماتها مع المجموعة الدولية في هذا الشأن غالبا ما ينظر إليها على أنها تمثل خطرا على الدول الأخرى مما يسوغ تحولها إلى موضوع شرعي للتدخل الخارجي.."
Hindess, Barry (2002) “Neo-liberal Citizenship” in Citizenship Studies, Vol. 6, No. 2. pp 127-143, p 130.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق