إن من أسباب عدم شهرة
شيلينغ (Friedrich Wilhelm Joseph von Schelling (1775-1854)) كونه مثل عائقا لم تستطع سرديات تاريخ الفلسفة
التقليدية أن تطوعه وتمر بسلاسة عليه. وعلى الرغم من أن الكثيرين رأوا فيه جسرا
أساسيا للانتقال من كانط إلى هيجل، فإن التأمل مليا في أفكاره يكشف عن أنه لم يؤد
دور هذا الجسر على النحو المتوخى والمطلوب. فلسفته المتأخرة دافعت عن نزعة مادية
وعن ميل تجريبي جعلاه يخرج عن الخط العام الذي رسمته المثالية؛ ارتباطه بالحركة
الرومانسية جعله يدافع عن نزعة جمالية تتحدى الفلسفة التقليدية؛ كما أن تصوفه أدرجه
رأسا مع فلسفات القرون الوسطى قبل النقدية التي كانت تعد في القرن التاسع عشر
فلسفات أثرية لا يعول عليها. وإذا لم يكن شيلينغ قد عاش متناغما تناغما تاما مع معاصريه،
فإن علاقته بمستقبله تبدو أفضل قليلا: ليس هناك بعد مدرسة شيلينية، وهو لا يملك
أتباعا إلى حد الآن. لا يوجد مسار تاريخي فلسفي يستند إلى شيلينغ ويجعله منطلقا
له..
بتصرف طفيف عن مقدمة:
The New Schelling. J.
Norman and A. Welchman. (eds.). London: Continuum, 2004.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق