26‏/01‏/2014

تحولات الرأسمالية وخوصصة الاجتماعي



يقول سلافوي جيجيك:

"المنتفضون في 1968 ركزوا صراعهم ضدا على ما اعتبروه الدعائم الثلاث التي تقوم عليها الرأسمالية، أي المصنع، والمدرسة، والأسرة. وكانت النتيجة أن كل مجال من هذه المجالات الثلاثة خضع لاحقا لتحول ما بعد صناعي جارف: العمل في المصانع أصبح بالتدريج يتم خارجها، أو أصبح في الدول المتقدمة على الأقل منظما على أساس ما بعد فوردي، يعتمد فريق العمل المتفاعل والمهيكل على أساس غير تراتبي؛ وشهد قطاع التربية، الذي كان عموميا وذا ميل كوني، خوصصة مرنة متزايدة وكاسحة؛ ولم تلبث الأسرة التقليدية هي ذاتها أيضا أن تراجعت وانكفأت على نفسها أمام الصور المتعددة الجديدة التي اكتستها التوافقات الجنسية المرنة. وهكذا خسر اليسار معركته في لحظة انتصاره ذاتها. العدو المباشر انهزم، لكنه لم يلبث أن عُوِّض ونُسِخَ بصورة جديدة أخرى من السيطرة الرأسمالية أكثر إمعانا في المباشرة من الصورة السالفة. ففي الرأسمالية 'ما بعد الحديثة' اكتسح السوق فضاءات جديدة كانت تعد إلى ذلكم الحين من صميم مجال الدولة. يصدق هذا على قطاعات شتى تمضي من التربية إلى السجون وقضايا الأمن. لذلكم عندما يحتفي البعض منا [يقصد نيغري وهارت] بـ 'العمل غير المادي' (كالتربية والعلاج النفسي...الخ) بوصفه نوعا من العمل يُنتِج بكيفية مباشرة العلاقاتِ الاجتماعيةَ، يتعين عليه ألا يتلاهى وينسى ما يعنيه هذا الأمر في سياق الاقتصاد السلعي المسيطر. إن هذا الأمر ليعني أن مجالات جديدة كانت فيما قبل بعيدة عن السوق أضحت بعد هذه التحولات مجالات سلعية خالصة. فعندما نضطرب لم نعد نتكلم مع صديق نرتاح إليه، بل ندفع المال رأسا إلى الطبيب النفسي أو المعالج لكي يتكلف بحل المشكلة. لم يعد الآباء هم الذين يُعنون بتربية الأطفال بل الحاضنات والمربيات الأجيرات...الخ إننا إذاً نمضي على قدم وساق في مسلسل خوصصة الاجتماعي، ونعمد إلى تشييد المزيد من دوائر العزل الجديدة".

سلافوي جيجيك


Žižek, S “How to Begin From the Beginning” in The Idea of Communism. Costas Douzinas & Slavoj Žižek (editors). London: Verso.  2010, p. 217.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق