سألني الأخ خالد سليكي، رئيس المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، ثلاثة أسئلة في سياق الإعداد لندوة تخليق الحياة الثقافية، فكانت الأجوبة المختصرة الآتية:
1- لماذا سؤال التخليق؟
مسألة الأخلاق مسألة مطروحة على الدوام. هناك أخلاق فردية وهناك أخلاق جماعية. لكن عندما يثار سؤال التخليق فإن المراد به عموما يكون تخليق تصرفات الجماعة في ميدان معين: في الحياة العامة، في الأحزاب، في المقاولة...الخ. فحسن سير هذه الميادين لا يمكن أن تضمنه القوانين الصورية بمفردها، بل يتعين على الفاعلين والمتدخلين والمتأثرين، إلى جانب احترامهم القوانين الصورية، أن يتحلوا بصفات أخرى لا ينص عليها القانون ولا يلتفت إليها. وهذه الصفات لها صلة بالمزاج (لفظ الأخلاق في اليونانية مشتق من كلمة تفيد المزاج (ethos)). التخليق إذن أمر يرتبط بالتأثير في مزاج الجماعة لكي يتصرف أعضاؤها ويسلكوا على هدي قيم.
2- ماذا يجري في المغرب، وما علاقته بالتخليق؟
في المغرب طرح إشكال تخليق الحياة العامة في إطار حكومة التناوب. وتناولته الصحافة، وعقدت حوله الندوات. لكن إشكال الأخلاق كما أومأتُ إلى ذلك أعلاه ليس إشكالا صوريا، أي لا يمكن أن نصدر مرسوما أو قانونا بشأنه ونراقب من يخرقه. معظم الذين تحدثوا عن الموضوع لا يميزون بين الأخلاق الفردية والأخلاق الجماعية. الرشوة ليست شأنا فرديا، وكذلك استعمال المال في الانتخابات، وكذلك البقاء في المواقع القيادية الحزبية إلى حين الوفاة...الخ كل هذه الظواهر ترتبط بمزاج جماعي مقبول ومتوافق عليه ضمنا، وهناك ثقافة عامة غير مكتوبة تُنتَج ويعاد إنتاجها تغذي هذا المزاج العام وتسوغه. بل إن الحديث عن التخليق، من حين لآخر، هو أيضا حديث متوافق عليه لرفع العتب، والظهور بمظهر الرافض للأوضاع. فالفصام لا يصيب الأفراد وحدهم، بل يصيب الجماعات أيضا.
3-كيف يمكن أَجرأة التخليق؟
قبل الأجرأة يتعين علينا أن نفتح نقاشا عن القيم التي نريد لها أن توجه السلوك وتضبط التصرف. ليس هناك اتفاق، بل إن النقاش في الأصل لم يفتح بعد. والحسم في مسألة القيم أمر ليس أخلاقيا، إنه بالأحرى أمر سياسي. قبل الأجرأة يجب علينا أن نبتَّ الأمرَ في السياسة. المشكل في نظري أن المغرب يشهد نوعا من اللا تسييس (dépolitisation) يبدو منه كما لو أنه أمر يخص التخليق. فإذا نحن أعدنا تسييس (repolitisation) المجتمع، وفق معايير الديمقراطية، سنكتشف أننا قد خَلَّقنا المجتمع تلقائيا. فتراجع نسبة التخليق في المجتمع ليس سوى انعكاسٍ لانحسار السياسة فيه.
1- لماذا سؤال التخليق؟
مسألة الأخلاق مسألة مطروحة على الدوام. هناك أخلاق فردية وهناك أخلاق جماعية. لكن عندما يثار سؤال التخليق فإن المراد به عموما يكون تخليق تصرفات الجماعة في ميدان معين: في الحياة العامة، في الأحزاب، في المقاولة...الخ. فحسن سير هذه الميادين لا يمكن أن تضمنه القوانين الصورية بمفردها، بل يتعين على الفاعلين والمتدخلين والمتأثرين، إلى جانب احترامهم القوانين الصورية، أن يتحلوا بصفات أخرى لا ينص عليها القانون ولا يلتفت إليها. وهذه الصفات لها صلة بالمزاج (لفظ الأخلاق في اليونانية مشتق من كلمة تفيد المزاج (ethos)). التخليق إذن أمر يرتبط بالتأثير في مزاج الجماعة لكي يتصرف أعضاؤها ويسلكوا على هدي قيم.
2- ماذا يجري في المغرب، وما علاقته بالتخليق؟
في المغرب طرح إشكال تخليق الحياة العامة في إطار حكومة التناوب. وتناولته الصحافة، وعقدت حوله الندوات. لكن إشكال الأخلاق كما أومأتُ إلى ذلك أعلاه ليس إشكالا صوريا، أي لا يمكن أن نصدر مرسوما أو قانونا بشأنه ونراقب من يخرقه. معظم الذين تحدثوا عن الموضوع لا يميزون بين الأخلاق الفردية والأخلاق الجماعية. الرشوة ليست شأنا فرديا، وكذلك استعمال المال في الانتخابات، وكذلك البقاء في المواقع القيادية الحزبية إلى حين الوفاة...الخ كل هذه الظواهر ترتبط بمزاج جماعي مقبول ومتوافق عليه ضمنا، وهناك ثقافة عامة غير مكتوبة تُنتَج ويعاد إنتاجها تغذي هذا المزاج العام وتسوغه. بل إن الحديث عن التخليق، من حين لآخر، هو أيضا حديث متوافق عليه لرفع العتب، والظهور بمظهر الرافض للأوضاع. فالفصام لا يصيب الأفراد وحدهم، بل يصيب الجماعات أيضا.
3-كيف يمكن أَجرأة التخليق؟
قبل الأجرأة يتعين علينا أن نفتح نقاشا عن القيم التي نريد لها أن توجه السلوك وتضبط التصرف. ليس هناك اتفاق، بل إن النقاش في الأصل لم يفتح بعد. والحسم في مسألة القيم أمر ليس أخلاقيا، إنه بالأحرى أمر سياسي. قبل الأجرأة يجب علينا أن نبتَّ الأمرَ في السياسة. المشكل في نظري أن المغرب يشهد نوعا من اللا تسييس (dépolitisation) يبدو منه كما لو أنه أمر يخص التخليق. فإذا نحن أعدنا تسييس (repolitisation) المجتمع، وفق معايير الديمقراطية، سنكتشف أننا قد خَلَّقنا المجتمع تلقائيا. فتراجع نسبة التخليق في المجتمع ليس سوى انعكاسٍ لانحسار السياسة فيه.