"إذا جاء إليَّ أحد ولمْ يكرَه أباه وأمه، زوجَه
وأولادَه، إخوانَه وأخواتِه –بل حياته أيضا- فإنه لن يكون من أتباعي" (لوقا
14: 26).
ألَمْ يَعمَد المسيح هنا إلى
تعليقِ العمل بالأخلاق في الدين الذي يدعو إليه؟ !! عالَم الأعراف والقيم الأخلاقية
المَرْعية لا يغدو راسخا مُكرَّسا هاهنا، أي لا يُصبح البِرُّ بالوالدين وحبُّ القريب
واجبين، إلا بتوسط سلطة المسيح. بعبارة أخرى يتعين على الأتباع في المقام الأول أن
يسارعوا إلى النفي الجذري والرفض المطلق لكل ما هو قريب من القلب وعزيز عليه، ثم عليهم
في المقام الثاني أن يعودوا تائبين إلى ما كانوا عليه على نحو يكونون فيه مُعَبِّرين
عن إرادة المسيح، أي يعودوا إلى ما يحبون ويشتهون هذه المرة بتوسط المسيح وبأمر منه.
من الناحية السياسية نستطيع القول إن الطريقة التي يقترن بها صاحب السيادة بالقوانين
الوضعية تقتضي المفارقة نفسها التي ألمعنا إليها مع المسيح: لا يُلِحُّ صاحب السيادة
(le souverain)
على احترام القوانين إلا لأنه هو الذي يستطيع تعليقَ العمل بالقوانين (لا يوصي بالبر
بالوالدين وبإحسان معاملة الآخرين إلا مَنْ يستطيع ابتداءً أن يأمر بشق عصا الطاعة
والعصيان).
حين قال المسيح إنه لم يأت لكي
يخالف القانونَ القديم بل جاء لكي يتمِّمَه ويُكمله، ["لا تظنوا أني جئت لأنقض
الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض، بل لأكمل. فإني الحقَّ أقول لكم: إلى أن تزول السماءُ
والأرضُ، لا يزول حرف واحد، أو نقطة من الناموس، حتى يكون الكل" (متّى 5: 10 ضمن
الإنجيل: العهد الجديد 1992)، انظر مقدمة محقق كتاب النبوءات للرازي. ص30-31]، نستطيع
أن نقرأ في هذا الإتمام أو الإكمال كلَّ الالتباسِ القائمِ في مفهوم الإتمام (supplément) لدى ديريدا. فعل الإتمام نفسه يستلزم
الخروج المباشر عن هذا القانون ومُخالفتَه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق