06‏/03‏/2014

سعيد أو البحث الجغرافي في التجربة التاريخية


"لقد أنشأتُ مرة نوعا من التنميط، أي نوعا من التنميط البيداغوجي للمفكرين الذين يصدرون عن الزمن ويُسجنون فيه، وضمن هؤلاء نجد بالطبع التراث الهيجلي والتراث التفكيكي – أشخاص مثل دو مان وديريدا ولوكاتش وغيرهم- ثم تنميطا لما أسميه بالتراث الفضائي الذي يضم أشخاصا مثل فيكو وغرامشي. أعثر على هذا التراث الفضائي في النزعة المادية الإيطالية التي تعود في جذورها إلى لوكريتيوس؛ لكنها تتضمن أيضا فيكو وغرامشي. المجتمع في هذا التصور يعد في الأساس شأنا ترابيا. من هذا المنطلق عندما يتعلق الأمر بالنقد [الأدبي] والفلسفة نكون أمام سؤال كبير هو كيف بإمكانك أن تغطي أو تعالج مجالا بمجال، وكيف تتحرك بين المقاطع المختلفة في جغرافية متنازع عليها. حينها أدركت أنني أنتمي بصفة لا جدال فيها إلى المعسكر الثاني، لأن معظم أعمالي تتناول في الواقع خطوط الفصل والفضاءات الجغرافية... بمعنى من المعاني أظن أن هذا الأمر–على الأقل في تجربتي الخاصة- يعد جزءا من كونية التجربة الفلسطينية. فهذه التجربة تدور أيضا حول تراب وحول فضاء متنازع عليه وحول الطرد، وهذا يعني أنك ملزم بالقيام ببعض الأشياء لأنك لا تملك الفضاء أو المكان... العلاقة بين اللغة والفضاء تصبح قضية مكثفة على وجه الخصوص في فكرة الكتابة والمسافة التي تُلهم بقوة تفكيري في قضايا النفي والاقتلاع".


     إ. سعيد

“The panic of the visual: A conversation with Edward W Said”. Mitchell, W. J. T. Boundary 2; Summer 1998; 25, 2, p. 25-26.

إدوارد سعيد والتاريخ.. أو من 'الأصول' إلى الـ 'بدايات'



"حين تناول [إدوارد] سعيد مفهومي التكامل والمتاخمة المنهجيين في كتابه 'بدايات' [(1975)]، كان مشغول الذهن إلى حد بعيد بصوغ رؤية تركيبية.. جامعة. تشخيص أعراض كتابات نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الذي قام به كان الغرضُ منه الكشفَ عن التقاليد الإنسانية والعقلانية التي تنطوي عليها الحداثة والتي غطاها أو أقبرها التشاؤم الثقافي واللاعقلانية التحديثية وكذلك الدعوات إلى البدائية التي تعالت في العالم الثالث. كان هدف سعيد مركزا في التصدي للبلاغة ما بعد الحداثية الناشئة التي أخذت على عاتقها الهجوم على كل الأسس والسخرية من كل بحث عن 'الأصول' (وهي البلاغة التي أشاعها ديريدا في ذلكم الوقت). فقد أصبحت كل إحالة على 'الأصول' في هذا الوقت لا تزيد عن كونها ضربا من الاستيهام الضار الناشئ عن الغطرسة الإبيستمولوجية الغربية. وقد أوضح سعيد أن هذه القراءة لاصطلاح 'الأصول' جرى توسلها أيضا لنزع الشرعية عن كل إحالة على الماضي بالمرة، أو الحيلولة دون أن نرى فيه، كما ذهب إلى ذلك فيكو، الحقل الذي صَنَعتْ فيه الكائناتُ البشرية الحاضرَ. إنكار الأصول يترتب عليه إنكار أي معنى للاتصال بالتراث أيضا. والخلاصة باختصار هي إنكار التاريخ. عندما اقترح سعيد اصطلاح 'بدايات' بديلا عن 'أصول' أعاد تلقيح البحث الذي كان دائرا حول التحديث بالبعد التاريخي اللازم".

إ. سعيد



Timothy Brennan. “Edward Said as Lukacsian Critic : Modernism and Empire”. College Literature: A journal of Critical Literary Studies. 40. 4 Fall 2013, p. 27

04‏/03‏/2014

الكوميديا وعمى الجمهور



"في أفلام شابلين نعثر على نظرية قاسية في أصول الكوميديا تعود بها إلى عمى الجمهور. ففي فيلم (السيرك) على سبيل المثال يجد المتشرد الهارب من مطاردة الشرطة نفسه على حبل في أعلى خيمة السيرك.. يشرع في التحرك بكيفية غير معهودة محاولا الحفاظ على توازنه في حين تنبعث ضحكات الجمهور وسط عاصفة من التصفيق ، ظنا منه أن الأمر يتعلق بممثل موهوب، غير منتبه إلى أن المتشرد يخوض يائسا صراعا من أجل البقاء. أصل الكوميديا يجب أن يُلتمَس بالتحديد هاهنا: في هذا العمى القاسي وفي عدم إدراك الواقع التراجيدي الذي يميز وضع المتشرد".



Slavoj Zizek. Enjoy Your Symptom!: Jacques Lacan in Hollywood and Out (Routledge Classics). London: Routledge 1992, p. 5.