11‏/04‏/2013

الهوية وجدل الضمائر .. أو الهوية شأن نحوي



في شق من الصياغة التي يعرضها هربارت ميد (1934) للذات نجد تمييزا صريحا بين "الأنا"، أو ضمير المتكلم المفرد "تُ"، وهو المظهر الفاعل أو النشيط أو المبادر من الذات (أضرب (أنا)، أسافر (أنا)، أعتقد (أنا)، أو خرجتُ، شاركتُ، أدليتُ...الخ)، وبين الضمير المعبر عنه في لغة العرب بياء المتكلم (ي) (استهان بي، أثروا في، لجأ إلي...الخ) أو التي تكون أحيانا لأسباب صوتية ذكرها النحاة مصحوبة بنون الوقاية (ني) (أخرجوني، يحبني، تصوَّروا أنني على خطأ، أقنعوني...الخ). وهذا الضمير يشير عموما إلى المظهر المنفعل أو المتأثر أو المُعاني من الذات. ميد يرى أن هذا الشق من الذات هو الذي يَستضمر الآخر العام ويستبطنه، ويمثل الصورة الذاتية التي تصل إلى الناس عن أنفسهم من مجموعة الأفعال وردات الفعل التي يقوم بها الآخرون إزاءهم. (فحين أخرجوني كنت في نظرهم شخصا غير مرغوب فيه ولا أستحق البقاء معهم، حين أحبني كنت في عينه شخصا ذا مزية تؤهلني أن أكون محبوبا لديه...الخ).



الذات عند ميد لا تصير موجودة، إذا شئتم، إلا بوجود هذا الانقسام، أي بوجود هذه اللحظة التي يرى فيها القسم الفاعل من الذات قسمَها الآخر من زاوية الآخرين. حرف ياء المتكلم يعكس الآخر المعمم، في حين أن الـ 'أنا' يجيب ويتصدى، أو يبادر وينبري. وهكذا تنهض الذات وتستوي على إيقاع هذا الحوار أو الجدل بين الشقين، وتكون اختيارات الفرد وتصرفاته مشروطة إلى حد بعيد بهذا الحوار أو بهذا الجدل بين الضميرين...

قدرة الذات على أن ترى نفسها في صيغة موضوع (أي أن يرى الأنا نفسه من حيث إنه ياء)، هي التي تمكن الذات من أن تصبح ذاتا اجتماعية. فالذات لا تكون ذاتا اجتماعية إلا إذا أمكنها أن تكون قادرة على الوقوف موقف الملاحظ إزاء حياتها الخاصة (أو سيرتها) حتى تسائلها وتقومها، فتشجعها أو تكبحها..

10‏/04‏/2013

الاطراد في التشتت



"لقد سبق لفوكو أن تحدث في أركيولوجيا المعرفة وهو يحدد مفهوم التشيكل الخِطابي عما أسماه بـ 'الاطراد في التشتت'. ويقصد به أن الخطابات تتألف من عناصر شتى غير متجانسة، يقع صوغُها والربط بينها وسبكها على نحو تبدو فيه منسجمة جامعة وقادرة على أن تمثل موقعا للذات متسقا تستطيع أن تنظر منه إلى العالم وتَفهَمه وتَفعل فيه. فالإسلام السياسي الذي طوره الإخوان المسلمون في مصر على سبيل المثال يعرض رؤية إلى العالم وإلى الأفراد وإلى المجتمع تستند إلى تفسيرات منتقاة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، مصحوبة بأجزاء حديثة منتقاة أيضا من الخطاب الديمقراطي لا تتعارض، أو هكذا يراد لها أن تكون، مع التفسيرات المنتقاة للنصوص الدينية، ومدعومة أو مُسيجة بآليات بلاغية تشكل حزاما واقيا يَحول دون إبراز التناقض بين ما يُفترض فيه أنه معلوم من الدين بالضرورة، وما يفترض فيه أنه من مقتضيات الخطاب الديمقراطي. وفي إطار هذا التشكيل الخطابي يقع بناء النظريات وتفصيل البرامج وصوغ الشعارات وبناء المؤسسات، حزبية كانت أو مدنية كالجمعيات والمنظمات وغيرها. وفي نطاق التشكيل الخطابي يقع رتق الفصل بين المعنى وتأويل الوقائع أو الأحداث من جهة، والأفعال التي يسمح هذا التأويل بإنجازها والإتيان بها من جهة أخرى".




*-مصطفى الحداد. 'ما بعد الماركسية'  ضمن كتاب: خطابات المابعد : في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية. منشورات الاختلاف وضفاف والأمان 2013 (سيوزع قريبا).

09‏/04‏/2013

ما بعد الماركسية


صدر مقالي 'ما بعد الماركسية' ضمن كتاب جماعي بإشراف د. على عبود المحمداوي بعنوان:
"خطابات المابعد : في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية".
منشورات الاختلاف وضفاف والأمان
. 2013.

صورة الغلاف

08‏/04‏/2013

حرية القدماء وحرية المُحْدثين


هناك نمطان من الحرية: حرية القدماء، ويعبر عنها أيضا باصطلاح آخر هو 'السيادة الشعبية'؛ وحرية المُحْدثين، ويعبر عنها أيضا باصطلاح حقوق الإنسان. حرية القدماء نجدها لدى روسو، وتعود في أصولها إلى أرسطو وإلى النزعة الإنسانية التي تبلورت في عصر النهضة. أما حرية المُحْدثين فتعود إلى التصور الليبرالي الذي صاغه جون لوك وطوره كانط.. هابرماس يدرج الحرية بالمعنى الأول ضمن ما يسميه بـ 'النزعة الجمهورية'؛ ويدرج الحرية بالمعنى الثاني ضمن ما يسميه بـ 'الليبرالية.

 
Matthew Specter “Habermas’s political thought,1984–1996: a historical interpretation”. in Modern Intellectual History, 6, 1 (2009), pp. 91–119, p. 94- 95.