29‏/01‏/2007

الشرطية السياسية

تشير الشرطية السياسيةإلى ذلك الربط الذي تقيمه دولة، أو منظمة دولية، بين المزايا الملموسة التي يمكن أن تحصل عليها دولة أخرى (كالمساعدات، مثلا)، وبين استجابة هذه الأخيرة لشروط تتصل بحماية حقوق الإنسان والتقدم في تطبيق المبادئ الديمقراطية. ويمكن لهذا التعريف الضيق، بالطبع، أن يوسع ليشمل أنماط الشرطيات الأخرى كتلكم التي تتصل بالإصلاحات المؤسسية والاقتصادية.

تقارن شميد (2004: 398) بين تركيا والمغرب بخصوص استجابة كل منهما للشرطيات الأوروبية فتقول: "لقد أظهر هذان البلدان نوعين من ردات الفعل إزاء الشرطيات الأوروبية. فقد اختارت الحكومات التركية المتعاقبة، التي يحذوها الأمل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أن تستبق الشرطيات الأوروبية وتستجيب لها طوعا من تَلْقاء ذاتها؛ أما المغرب فقد أظهر فيما يبدو درجة نسبية من الاستقلال إزاء القيود الأوروبية. والبلدان فيما يبدو متحدان في البحث عن الاستقلالية في التعامل مع المطالب الخارجية، وفي السعي إلى التحرر من القوالب المفروضة من الخارج: تركيا تفعل ذلك بالانطلاق من هذه القيود كما لو أنها قيود ناتجة من الداخل، والمغرب يفعل ذلك بالابتعاد عنها".

وتشير شميد، في هذا الخصوص، إلى أن المغرب يكشف عن حالة فريدة في مقاومة الضغوط الخارجية التي يمارسها عليه شركاؤه ومانحوه، خصوصا الضغوط التي توجد ملحقة بشرطيات المساعدة. وتستند في حكمها هذا إلى برادفورد ديلمان، الذي بين أن حكومات شمال إفريقيا كلها، وليس المغرب وحده، تعد حكومات محصنة نسبيا من الإملاءات والقيود التي يمكن أن تتضمنها الشرطيات. فهذه القيود لم تستطع في نظر ديلمان أن تحدث تغييرا أو اختراقا جوهريا لا في اقتصادات هذه البلدان ولا في الاستقلال الذاتي الذي تتمتع به الدولة هناك. بل إن المغرب، كما تذهب شميد، استطاع أن يطور مهارة فائقة في التعامل مع المانحين على اختلاف أنواعهم ومشاربهم، ببناء نسق من الولاءات المتعددة، وبإعادة تنظيم الأولويات الوطنية لتحقيق استقلالية تعفيه من الخضوع للضغوط الخارجية. فالمغرب اكتسب قدرة على فرض تأويله هو للقيود التي يفرضها عليه شركاؤه. من هذه الجهة تحيل شميد على المغرب من جهةكونه يمثل حالة فريدة "للشرطية المعكوسة" (conditionality in reverse).


Schmid Dorothee (2004) « The Use of Conditionality in Support of Political, Economic and Social Rights: Unveiling the Euro-Mediterranean Partnership’s True Hierarchy of Objectives? » in Mediterranean Politics, Vol.9, No.3 (Autumn), pp.396–421.