05‏/02‏/2012

عن الكون كيف يحدث، والحب كيف يقع



يقول الفيلسوف سلافوي جيجيك في مطلع الفيلم الوثائقي (!Zizek) الذي أعدته عنه أسترا تايلر (Astra Taylor):

"ماذا عساه يكون – كيف أسميه يا ترى؟- موقفي التلقائي إزاء الكون؟ في الحقيقة إنه موقف أسود حالك. سيظهر الأمر للوهلة الأولى، أو عند ابتداء الأمر، كأنه ضرب من الغرور التام: إذ في الأساس لا يوجد شيء على الإطلاق. وعندما أقول هذا فإنني أعني حرفيا ما أقول. في أقصى الحالات ليس هناك إلا شذرات، بعض الأشياء المتلاشية. إذا نظرتَ إلى الكون لن تجد إلا فراغا مهولا. لكن كيف أمكن للأشياء أن تنبثق يا ترى؟ هنا أجدني أميل من دون لف أو دوران إلى الفيزياء الكوانطية التي أعثر فيها، كما تعلم، على الفكرة القائلة إن الكون فراغ، لكنه نوع من الفراغ المشحون إيجابا، ثم يختل توازن الفراغ هذا فتشرع الأشياء الجزئية حينئذ في الظهور والانبثاق. تلقائيا أحب هذه الفكرة جدا، أي الفكرة التي تقول إن الأمر لا يقف عند الإقرار بالعدم، بل يتعداه إلى الزعم بأن الأشياء تنبثق من هذا العدم نفسه. إن هذا يعني أن أمرا ما يحدث بكيفية خاطئة، أي أن ما نسميه الخلق هو نوع من اللاتوازن الكوني، أو الكارثة الكونية، أي أن الأشياء إذا صارت إلى الوجود إنما تصير إليه بالخطأ. وأجدني مستعدا لكي أذهب بعيدا وأدعي أن الطريقة الوحيدة في الرد على هذا هي القبول بالخطأ والذهاب فيه إمعانا حتى النهاية. ولنا اسم نطلقه على هذا هو 'الحب'. ألا يعد الحب بالتحديد هذا النوع من اللاتوازن الكوني؟ كنتُ على الدوام أستهجن الفكرة التي نعبر عنها بقولنا مثلا: 'أحب العالَم' أو 'الحب الكوني'، أو 'لا أحب العالَم...'. أجد نفسي بالأساس في مكان ما بين 'أكره العالم' و'لا أبالي به'... الحب عندي فعل ممعن في العنف. ليس الحب هو 'أحبكم كلكم'، بل هو أنني أنتقي شيئا بعينه (فنكون هنا مرة أخرى بإزاء بنية تقوم على اللاتوازن) حتى لو أن هذا الشيء الذي أنتقيه لا يزيد عن كونه تفصيلا صغيرا، أو شخصا هشا فريدا. أقول له 'أحبك أكثر من أي شيء آخر'. بهذا المعنى الصوري الخالص يكون الحب شرا مستطيرا ".



سلافوي جيجيك


Astra Taylor . Zizek! DVD. Directed by Astra Taylor. Hidden Driver Productions, 2007


.