20‏/06‏/2012

الرأسمال وأدواته

ألان باديو


"لقد تحققت نبوءة ماركس هنا مرة أخرى، بل إنها لتصدق على واقعنا في الحقيقة أكثر مما كانت تصدق على الواقع الذي تحدث عنه ماركس. فقد وصف هذا الأخير حكومات الفترة الممتدة بين 1840 و 1850 بأنها أدوات تنفيذية في يد الرأسمال (Capital’s executives). وهذا يعطينا مفتاح اللغز: وهو أن الحكام وعصابات المال (gangsters of finance) يأتون في نهاية المطاف من العالم نفسه. عبارة 'أدوات تنفيذية في يد الرأسمال' لم تكن في يوم من الأيام أصدقَ مما هي عليه اليوم، خصوصا عندما لا نجد الآن فرقا يذكر بين الحكومات اليمينية (ساركوزي، ميركل) وحكومات اليسار (أوباما، ثاباطيرو، باباندريو) ".

Alain Badiou (2012). The Rebirth of History: Times of Riots and Uprisings. London: Verso, p. 13-14.

19‏/06‏/2012

عن الثورة وخيانتها

ج. ستالين


لقد كانت النازية تطارد أعداء النظام 'الحقيقيين' (الشيوعيين، والمقاومين...الخ). أما الشرطة الستالينية فقد انخرطت في تلفيق التهم المقرفة للثوار أنفسهم، بدعوى تآمرهم على الثورة وخيانة مبادئها. وعندما نعود إلى الاعترافات التي كان يدلي بها المتهمون في المحاكمات الصورية الستالينية (اعترافات بوخارين على وجه الخصوص) نلفيها تطبق حرفيا المبدأ القاضي بأن على المتهمين أن يضحوا أمام الملأ بذواتهم ويقدموها قربانا على مذبح المصلحة العليا للحزب. وعلى الرغم من أن الفاعلين كلهم كانوا على علم ببراءة المتهمين التامة، وبعبثية الاتهامات الموجهة إليهم، فإنهم كانوا كلهم (وفي طليعتهم المتهمون أنفسهم) يسلكون كما لو أن التهم المعروضة أمام أنظار المحكمة صحيحة ثابتة، مضحين رمزيا بالأفراد المتهمين بتهم الكل يعلم أنها باطلة.
يناقش الفيلسوف سلافوي جيجيك هذا القرف الأخلاقي ويدفع بالأمور إلى أقصاها عندما يبين أن الشيوعيين الستالينيين بما أنهم ليسوا آلات صماء، وليسوا مجرد ممثلين على خشبة مسرح الضرورة التاريخية القصوى، فإنهم كانوا على حق تماما فيما كانوا يقومون به ! فقد كانوا، وهم في وضعهم التكاذبي هذا، يعترفون بـ 'وجود' ثورة، وبأنهم 'خانوا' هذه الثورة كلهم. فهم، من جهة كونهم أفرادا، لم يكونوا مذنبين، لكن على الرغم من هذا تُقدم هذه المحاكمات، من خلال طقس تطهير المتهمين المفترضين من خيانتهم، الشهادة على وجود مشروع ثوري 'حقيقي' وعلى وجود خيانة تعرض لها هذا المشروع، حتى ولو لم يكن الموجودون في قفص الاتهام هم الخونة الحقيقيون.. !

18‏/06‏/2012

كتاب: هيجل والعدالة العالمية



Hegel and Global Justice
Series: Studies in Global Justice , Vol. 10. Buchwalter, Andrew (Ed.). Springer 2012, VIII, 241 p

صورة الغلاف


لم يُعرف عن هيجل شغفه بتفصيل نظريات عن الأخلاق أو العدالة الدولية أو العالمية. ليس لأن رصده للأخلاق السياسية ظل مشدودا إلى مزاج الجماعات الخاصة فقط بعيدا عن كل ميل كوسموبوليتي واضح، بل لأن رؤيته بخصوص العلاقات الدولية استندت أساسا إلى متطلبات الدول الوطنية ذات السيادة الكاملة على أراضيها والمكتفية بذاتها اكتفاء تاما، والتي لا تتفاعل مع بعضها البعض إلا على أساس القوة والاحتراب وليس الأخلاق. بل إن الفكر السياسي الهيجيلي يبلغ مداه في فلسفة التاريخ التي لا تبرز فقط لكي تعلن انتصار المجتمع الغربي على غيره من المجتمعات، بل لكي تثبت أن الثقافات الأخرى لا تملك ما تملك من قيمة إلا بالقدر الذي ساهمت أو تساهم به في تقدم هذا المجتمع الغربي نفسه.
الكتاب الجماعي الذي نحن بصدده يكتسي أهميته من كونه يتحدى هذا الفهم الرائج بين مؤولي هيجل. فعلى الرغم من أن المساهمين في الكتاب (وهم من المتخصصين في فلسفة هيجل السياسية والعملية) لا ينفون صلاحية التأويل الرائج نفيا تاما، يعمدون إلى عرض صورة أكثر مرونة وأكثر تنويعا لمساهمة هيجل في النقاش حول العدالة الدولية. فالكتاب لا يكتفي بتتبع ما قاله هيجل من أفكار عميقة حول الموضوع، بل يبين أن ما تطرق إليه هيجل يفتح أفاقا غير مسبوقة في مواجهة التحديات التي تعترض النقاش الدائر حول العدالة الدولية اليوم. يتناول الكتاب كونية حقوق الإنسان، والقانون الدولي، والكوسموبوليتية، والاقتصاد المعولم، والعدالة الاجتماعية الاقتصادية العالمية، والصراعات الدولية، وتدهور أوضاع الكوكب، والاعتراف الثقافي، والحكامة الدولية، والمواطنة العالمية، والفضاء العمومي العالمي، وهوية العالم المشتركة، والثقافة الأخلاقية العالمية. وقد ناقش المشاركون في الكتاب موقف هيجل إزاء هذه الأمور كلها في سياق يقارن موقفه هذا بالنظريات السابقة والمعاصرة حول العدالة العالمية بما في ذلك نظريات هوبز، وكانط، وحنا أرنت، وأورليخ بيك، وجاك ديريدا، وهابرماس، ورولز، وديفيد ميلر، وطوماس نيجل، ومارثا نوسباوم، وويل كيمليكا...الخ.

أشرف على الكتاب، وكتب مقدمته والفصل الأخير منه، أندرو بوشوالتر (
Andrew Buchwalter) من شعبة الفلسفة بجامعة نورث فلوريدا بالولايات المتحدة، بمعية تسعة باحثين آخرين. يقع الكتاب في 241 صفحة.

تشومسكي يشرح..




ماذا يشرح تشومسكي في هذه الصورة؟


في هذه الصورة يشرح تشومسكي تصوره لاكتساب اللغة. ففي الرسم الموجود أعلى السبورة على يسار الصورة هناك انتقال من الرمز (pld) إلى الرمز (S المقرون بصفر (0))، إلى الرمز (h). الرمز (pld) يشير إلى 'المعطيات اللغوية الأولية' (Primary Linguistic Data) وهي المعطيات اللغوية التي يصادفها الطفل عندما يأتي إلى العالم، وهي معطيات لا تعدو أن تكون 'ضجيجا' غير واضح المعالم بالنسبة إلى الطفل. الرمز (S) يشير إلى 'حالة' (state)، ويعني بها تشومسكي الحالة التي يكون عليها ذهن الطفل عندما يولد (الرقم 0 يشير إلى أن هذه الحالة حالة أولى قبل أن ينفعل ذهن الطفل بالمحيط ). وتحت الرمز (S) يوجد رمز آخر هو (LAD)، ويعني به تشومسكي أن هذه الحالة التي عليها الذهن (S) ليست صفحة بيضاء بل حالة مخصصة تخصيصا عاليا من الناحية البيولوجية يطلق عليها تشومسكي اصطلاح 'جهاز اكتساب اللغة' (LAD) أي (Language Acquisition Device). وعندما تنفعل هذه الحالة وتشتبك بالمعطيات اللغوية الأولية (ويسميها تشومسكي بالحالة الوسيطة وهي حالة غير مؤشر عليها في الرسم، لأنها لا تدخل في نطاق اللسانيات بل في نطاق اللسانيات النفسية) ننتقل مباشرة إلى الرمز (h)، وهو رمز يشير إلى الفرضية (Hypothesis)، أي أن الطفل حين احتك بالمعطيات انقاد إلى صوغ فرضية حول المعطيات الأولية التي صادفها في محيطه، وتمكن من أن يعرف (لا شعوريا بالطبع) نوع اللغة التي هو بصددها (هل هي الفرنسية أم اليابانية أم العربية أم الأمازيغية أم الإنجليزية...الخ).
في أدنى الرسم يحاول تشومسكي أن يشرح دور التجربة (EXP) المحدود جدا في هذه العملية التي بمقتضاها يكتسب الطفل اللغة. ويلح على أن الدور الأساسي في صوغ الفرضية (h) يلعبه (جهاز اكتساب اللغة (LAD)) وليس التجربة...