20‏/03‏/2009

الفلسفة السياسية وشبهة التأسيس





*نشر هذا المقال بصحيفة الملاحظ الأسبوعية بالمغرب

ي. هابرماس


ج. رولز
تشير النزعة التأسيسية (أو التأصيلية) إلى الموقف الذي يروم منح تصور معين عن المعرفة أو عن الأخلاق أو عن السياسة صفة الصلاحية المطلقة أو الكونية. وكان هابرماس قد انتقد هذه النزعة عند كانط. فهذا الأخير أسند إلى الفلسفة دور "المرشد" من جانب، وأسند إليها دور "الحكم الأسمى" من جانب آخر. لكن على الرغم من رفض هابرماس للنزعة التأسيسية يرى الباحثون أنه لم يسلم من الوقوع فيها. سأحاول في هذا المقال أن أتناول الإشكال من منظار نقاد هابرماس الذين آخذوه على هذه الشبهة، وفي مقدمهم جون رولز، وسأعرض للمسألة نفسها كما يراها ديريدا ورورتي.
ينحدر رولز وهابرماس من تقليدين فلسفيين متباينين. فرولز الذي أتى من تراث سيطر عليه الفكر السياسي النفعي المُشبَع بنزعة وضعية واضحة، يدافع عن أن الفلسفة السياسية بإمكانها أن تتخذ طابعا عموميا من دون أن تصادر أو تَصُدَّ التعدد الذي يميز الديمقراطيات المعاصرة، ومن دون أن تَصدر عن الافتراضات الميتافيزيقية المثيرة للجدل التي تسنِد هذا التعدد الذي تحتضنه هذه الديمقراطيات. أما هابرماس الذي شَبَّ عن الطوق بعد أن نََهَل من تراث مدرسة فرانكفورت، سليلة كانط وهيغل وماركس، فقد جدد النظرية النقدية وأعاد بناءها بناء معياريا على بنية التواصل البشري العمومي بعيدا، كما يدعي، عن كل فلسفة تاريخ كبرى أو ميتافيزيقا، مثله في ذلك مثل رولز.
لكننا عندما ننظر إلى الأسباب التي قادت هابرماس ورولز إلى الحكم على المشاريع التأسيسية في الفلسفة السياسية بأنها مشاريع متهافتة، نلفيها أسبابا مختلفة في طبيعتها. أسباب هابرماس فلسفية خالصة أو تكاد، لها صلة وثقى بنقد النزعة التأسيسية الفلسفية ونقد الميتافيزيقا. فهو عندما يخلص في تحاليله إلى تصور مسطري للعقل (راجع كتابه: التفكير ما بعد الميتافيزيقي)، إنما ينتهي إليه انطلاقا من خلفيات هذا النقد الفلسفي في المقام الأول. أما أسباب رولز فتعد في الحقيقة أسبابا بعيدة عن الجانب الفلسفي وأكثر التصاقا بالجانب العملي. رولز يرى أنه إذا كان الغرض المتوخى من الفلسفة السياسية أن تصوغ إطارا يسمح بتسويغ سياسة يمكن للكل أن يقبلها، فإن غرضا كهذا لا يمكن الوصول إليه بالاستناد إلى النزعة التأسيسية، لأن الإجماع الطوعي على الأسس القصوى للأخلاق السياسية غير ممكن في سياق المجتمعات التعددية الحرة.
رولز وهابرماس يتفقان إذاً على أن العقل لا يطوي في ذاته نموذجا ملموسا للصورة التي يكون فيها المجتمع عادلا وخيرا. لكن، ألا يصد هذا المسلك السلبي الذي يصطنعه رولز وهابرماس إمكانَ قيام مشروع فلسفي سياسي إيجابي؟ أليست الفلسفة السياسية مشروعا تسويغيا في نهاية المطاف، أي مشروعا يروم إبراز الكيفية التي تكون بمقتضاها السلطة المُقيِّدة المُجسَّدة في المؤسسات السياسية سلطةً مشروعة؟ ثم أليس التأثير القوي الذي مارسه رولز وهابرماس يرجع في جزء منه إلى الجواب النسقي الذي اقترحه كل منهما لهذا الإشكال؟

الحديث عن تجنب الموقف التأسيسي ينبغي في الواقع أن يفهم في سياق هذا النقاش الميتافلسفي في معناه العام، وأن يُذَيَّل بكثير من الاحتياطات التي تُخفف من غلوائه. فالتسويغ شئنا ذلك أم أبينا يجب أن يحيل في نهاية المطاف على أساس معين. مسلسل التسويغ، بعبارة أوضح، لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية؛ يتعين عليه أن يتوقف عند حد ينتهي بالضرورة إليه. رولز يلجأ، مستلهما تشومسكي، إلى الحدوس الأخلاقية السياسية التي يملكها المواطنون بالفطرة، أي إلى الحدوس التي تمكنهم من الانخراط في التعاون الاجتماعي مع غيرهم على أساس حدود يشتركون سويا في قبولها، ويجعل من هذه الحدوس أساسا لا نحتاج بعده إلى أساس آخر وراءه لتسويغ أغراض الفلسفة السياسية. هابرماس من جهته يرى في مبادئ التخاطب العقلاني بواسطة اللغة الإطارَ الذي لا يمكن تلافيه في هذا الشأن؛ لأنه الإطار الذي يُنَشَّأُ فيه المواطنون اجتماعيا. لا أحد منهما يركب رأسه ويدعي أن أساسه يحيل على مبادئ ميتافيزيقية قصوى. وبهذا المعنى تكون فلسفة كل منهما غير تأسيسية. إنهما لا يزيدان في فلسفتيهما، كما يدعيان، عن كونهما يمثلان أو يعكسان أو يعيدان بناء ممارسات موجودة سلفا (الحدوس لدى رولز، ومبادئ التخاطب اللغوي عند هابرماس)؛ ولا يمكن لما يعيدُ بناءَه كل منهما أن يكون صالحا إلا بقدر ما ينجح في عكس هذه الممارسات وتمثيلها. الفلسفة عندهما، باختصار شديد، تلعب دور الوسيط بين الأشياء فقط لا غير، أو هكذا يبدو (عبد الله العروي تحدث عن دور الوساطة الذي أسند إلى الفلسفة في الأزمنة المعاصرة في كتابه الأخير السنة والإصلاح).
من الجهة العامة نستطيع القول إن مشروعي رولز وهابرماس ينتميان إلى الأسرة نفسها. وهذا رأي رائج في كثير من الكتابات التي تناولت أعمالهما. بل إن هابرماس ورولز نفسيهما يعترفان بذلك في السجال الذي دار بينهما في مجلة الفلسفة (The journal of philosophy) في منتصف التسعينات. غير أننا عندما نعود إلى هذا السجال نفسه نعثر على كثير من الفروق بين المشروعين. بل إننا نجد رولز يتهم صراحة هابرماس بالميل إلى تأسيس الفلسفة السياسية على أسس تقع خارجها. يقول رولز في سياق تحديد مشروعه وبيان الفرق بينه وبين مشروع هابرماس (1995، ص 134):
"الفكرة الرئيسة [عندي] هي أن الليبرالية السياسية تتحرك في نطاق مقولة السياسي ولا تتخطاه، وتترك الفلسفة في مكانها حيث هي. إنها تترك كل أنواع المذاهب الدينية والميتافيزيقية والأخلاقية على حالها، هي وتقاليدُها العريقة في التطور والتأويل. الفلسفة السياسية تعمل على نحو مستقل عن هذه المذاهب، وتعرض نفسها في حدودها الخاصة بوصفها شأنا مستقلا. لهذا السبب لا يمكنها أن تستدل أو تدافع عن قضيتها باللجوء إلى أي مذاهب شاملة (= ميتافيزيقية) أو بانتقادها أو رفضها".
ثم يستطرد مفصلا القول في الكيفية التي يفهم بها هابرماس الأمور (ص 135- 136): "من زاوية أخرى يكون موقف هابرماس مذهبا شاملا، يتناول أمورا كثيرة تتخطى مجال الفلسفة السياسية. فالهدف الذي ترمي إليه نظريته عن الفعل التواصلي هو عرض رصد عام للمعنى الإحالة والصدق أو الصلاحية، رصدٍ يتناول العقل النظري كما يتناول صورا شتى من صور العقل العملي. فهو يرفض النزعة الطبيعية والنزعة الانفعالية في الاستدلال الأخلاقي، ويتوق إلى الدفاع عن العقل النظري والعملي. زد على هذا: إننا نُلفيه في مناسبات كثيرة ينتقد الرؤى الدينية والميتافيزيقية.... [ يستشهد رولز هنا بنص من مقدمة كتاب هابرماس: بين الوقائع والأعراف]. الليبرالية السياسية عندي لا تعمد أبدا إلى إنكار هذه المذاهب أو التشكيك فيها متى ما كانت معقولة سياسيا. فكون هابرماس يرى غير ذلك في هذه النقطة الجوهرية يعد جزءا من رؤيته الشاملة".
نحن إذا أمام فهم يتهم هابرماس بالشمولية التي تعني في اصطلاح رولز أن هابرماس يصدر في فلسفته السياسية عن مواقف ميتافيزيقية خارجة عن الفلسفة السياسية. المشروعان بعبارة أخرى لا ينتميان إلى الأسرة نفسها..!
إن هذه القراءة لمشروع هابرماس لا ينفرد بها رولز وحده. نجدها عند ديريدا وعند رورتي أيضا. فهما بدورهما يرفضان دعوى هابرماس القائلة بوجود صلة وثقى بين الكونية والعقلانية من جهة، والديمقراطية من جهة أخرى، أي يرفضان النظر إلى الديمقراطية الدستورية بوصفها لحظةً في مسيرة تطور العقل مقرونةً بظهور الصور الكونية للقانون والأخلاق. إنهما لا يقولان بوجود أساس، كالعقل أو مبادئ التواصل العقلاني، يستطيع أن يضمن إمكان قيام صيغة في الحجاج تتعالى عن شروط إنتاجها الخاصة (راجع شانتال موفي 1996: 1).
لكن ما يجب ألا يغيب عن بالنا هنا هو أن الخلاف الذي نتحدث عنه بين رولز وديريدا ورورتي من جهة، وهابرماس من جهة أخرى، خلاف فلسفي وليس سياسيا. فالنقد الذي يوجهونه إلى العقلانية والكونية، أو إلى المنحى التأسيسي في مشروع هابرماس لا يحول بينهم وبين التزامهم القوي، مثل هابرماس نفسه، بالدفاع عن الشق السياسي من فكر الأنوار المتصل بالمشروع الديمقراطي. فهم يشاركونه التزامه بسياسات الديمقراطية ولا يخالفونه الرأي إلا لأنهم لا يرون مثله أن الديمقراطية تحتاج إلى أسس فلسفية تنهض عليها، ولا يذهبون مذهبه القائل إن مؤسسات الديمقراطية لا تكون في مأمن إلا إذا استندت إلى أساس عقلاني. موقف هابرماس هذا إذا نحن تأملناه مليا يكتسي طابعا "إمبرياليا"؛ لأنه يستلزم تقديم مؤسسات المجتمعات الغربية الليبرالية كما لو أنها مؤسسات تعرض حلا عقلانيا لمشكل الاجتماع البشري، أي تعرض حلا يتعين بالضرورة على الآخرين أن يتبنوه إذا أرادوا الإقلاع عن لاعقلانيتهم. فهابرماس لم يتخل، على الأقل حسب رورتي، عن المهمة المستحيلة التي تنشد العثور على مقدمات محايدة من الناحية السياسية تكون سائغة في أعين كل الناس تسمح لهم باستنتاج واجب السير قدما في السياسات الديمقراطية. فهذه السياسات تستحق في نظر نقاد هابرماس أن ندافع عنها ونناضل من أجلها، لكن من العبث أن نُفَصِّل مشروعا يروم البحث عن حجج لا تكون متوقفة على السياق تؤيدها.


Habermas, J. “Reconciliation Through the Public use of Reason: Remarks on John Rawls's Political Liberalism”. The Journal of Philosophy, Vol. 92, No. 3 (Mar., 1995), 109-131.
Mouffe, Ch. “Deconstruction, Pragmatism and the Politics of Democracy” in Deconstruction and Pragmatism. Edited by Chantal Mouffe. Routledge , 1996.
Rawls, J. “Political Liberalism: Reply to Habermas” The Journal of Philosophy, Vol. 92, No. 3 (Mar., 1995), 132- 180.

16‏/03‏/2009

الكاتب وعالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي يرحل...






عبد الكبير الخطيبي

الرباط (رويترز) - قالت مصادر رسمية إن الكاتب وعالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي الذي يكتب باللغة الفرنسية توفي صباح يوم الاثنين [16 مارس 2009] بعد صراع مرير مع المرض. وأفادت وكالة المغرب العربي الرسمية للأنباء أن الخطيبي (71 عاما) توفي بأحد مستشفيات الرباط بعد مشاكل في القلب ألمت به. والخطيبي كاتب وعالم اجتماع وباحث أكاديمي حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة السربون بفرنسا حول أطروحة "الرواية المغاربية". كما يعد روائيا وشاعرا مرموقا متخصصا في الأدب المغاربي... نشر عدة قصص وروايات، وحصل مؤخرا على جائزة "الربيع الكبرى" التي تمنحها جمعية "أهل الادب".. وهي جمعية ثقافية فرنسية عريقة تأسست عام 1838 على أيدي ألمع كتاب الأدب الكلاسيكي بفرنسا.. أمثال الروائي الشهير أونوريه دو بالزاك، والشاعر فيكتور هوجو، والروائي ألكسندر دوما. ويعد الخطيبي أول عربي ومغربي يُتوج بهذه الجائزة التي منحت له عن مجموع أعماله الشعرية التي صدر بعضها مؤخرا في ثلاثة مجلدات عن دار " الاختلاف" الباريسية... وتفوق أعماله 25 مؤلفا أشهرها "الذاكرة الموشومة" التي صدر عام 1971 و"فن الخط العربي" عام 1976 و"الرواية المغاربية" و" تفكير المغرب" عام 1993 و"صيف بستوكهولم" عام 1990 و"صور الأجنبي في الأدب الفرنسي" عام 1987 و"كتاب الدم" عام 1979... والخطيبي عضو باتحاد كتاب المغرب منذ العام 1976 وعمل رئيسا لتحرير المجلة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب ومديرا لمجلة علامات الحاضر....






*******





لم يكن الخطيبي مفكرا عاديا... لقد كان مفكرا موحيا واستثنائيا... فقد افتتح الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا كتابه (Le monolinguisme de l'autre)* بنص للخطيبي يقول فيه:






Là, une naissance à la langue, par enchevêtrement de noms et d'identités s'enroulant sur eux-mêmes: cercle nostalgique de l'unique. [... ] Je crois profondément que, dans ce récit, la


langue elle-même était jalouse.



ABDELKEBIR KHATIBI, Amour bilingue, Fata Morgana, 1983, p. 77.





جاك ديريدا








ومن جملة ما قاله ديريدا في الكتاب المذكور أعلاه عن الخطيبي ما يلي:






".... Cette seconde proposition va dans le sens de ce que mon ami Khatibi énonce clairement dans la Présentation d'un ouvrage sur le bilinguisme, au moment où il définit en somme une problématique et un programme. Je l'appelle donc à mon secours:


« S'il n'y a pas (comme nous le disons après et avec d'autres) la langue, s'il n'y a pas de monolinguisme absolu, reste à cerner ce qu'est une langue maternelle dans sa division active, et ce qui se greffe entre cette langue et celle dite étrangère. Qui s'y greffe et s'y perd, ne revenant ni à l'une ni à l'autre: l'incommunicable.
De la bi-langue, dans ses effets de parole et d'écriture [... ]»". (p.21-22).
....



"Formons alors une hypothèse, et laissons-la travailler. Supposons que, sans vouloir blesser Abdelkebir Khatibi, un jour de colloque en Louisiane, loin de chez lui et loin de chez moi, loin de chez nous aussi, je lui fasse une déclaration, à travers la fidèle et admirative affection que je lui porte. Que lui déclarerait cette déclaration publique ? Ceci, à peu près: « Cher Abdelkebir, vois-tu, je me considère ici comme le plus franco-maghrébin de nous deux, et peut être même le seul franco-maghrébin. Si je me trompe, si je m'abuse ou si j'abuse, eh bien, je suis sûr qu'on me contredira. Je tenterais alors de m'expliquer ou de me justifier du mieux que je pourrais. Regardons autour de nous et classons, divisons, procédons par ensembles.


A. Il y a, parmi nous, des Français francophones qui ne sont pas maghrébins: des Français de Fiance, en un mot, des citoyens français venus de France.

B. Il y a aussi, parmi nous, des " francophones " qui ne sont ni français ni maghrébins: des Suisses, des Canadiens, des Belges ou des Africains de divers pays d'Afrique centrale.
C. Il y a enfin, parmi nous, des maghrébins francophones qui ne sont pas et n'ont jamais été Français, entendons citoyens français: toi, par exemple, et d'autres Marocains, ou des Tunisiens.
Or, vois-tu, je n'appartiens à aucun de ces ensembles clairement définis. Mon " identité " ne relève d'aucune de ces trois catégories. Où me classerais-je donc ? Et quelle taxinomie inventer ?
Mon hypothèse, c'est donc que je suis ici, peut-être, seul, le seul à pouvoir me dire à la fois maghrébin (ce qui n'est pas une citoyenneté) et citoyen français. À la fois l'un et l'autre. Et mieux, à la fois l'un et l'autre de naissance. La naissance, la nationalité par la naissance, la culture natale, n'est-ce pas ici notre sujet ? (Un jour il faudra consacrer un autre colloque à la langue, à la nationalité, à l'appartenance culturelle par la mort, cette fois, par la sépulture, et commencer par le secret d'Œdipe à Colonne: tout le pouvoir que cet " étranger " détient sur les " étrangers " au plus secret du secret de son dernier lieu, un secret qu'il garde, ou confie à la garde de Thésée en échange du salut de la ville et des générations à venir, un secret qu'il refuse néanmoins à ses filles, en les privant de leurs larmes même et d'un juste " travail du deuil ". )
Ne sommes-nous pas convenus de parler ici de la langue dite maternelle, et de la naissance quant au sol, de la naissance quant au sang et, ce qui veut dire tout autre chose, de la naissance quant à la langue ? Et des rapports entre la naissance, la langue, la culture, la nationalité et la citoyenneté ?
Que mon " cas " ne relève d'aucun des trois ensembles alors représentés, telle fut du moins mon hypothèse. N'était-ce pas aussi la seule justification de ma présence, s'il en fut une, à ce colloque ? »
Voilà à peu près ce que j'aurais commencé par déclarer à Abdelkebir Khatibi. " (29-31).


--------------------------------------------




*-Jacques Derrida. Le monolinguisme de l'autre. Éditions Galilée, 1996.