16‏/07‏/2012

عن العلاقة بين النظرية والممارسة عند دولوز


فوكو، سارتر ودولوز

عرض دولوز في حواره الشهير مع فوكو تصورا جديدا عن العلاقة القائمة بين النظرية والممارسة. فالممارسة في رأيه ليست تطبيقا للنظرية، كما أنها ليست أيضا مصدر إلهام يُرجَع إليه في بناء نظرية في المستقبل. إنه يرفض الفكرة التي تقضي بوجود رأي واحد في الفصل والجمع بين النظرية والممارسة، ويدافع عن تصور أكثر محلية وتشذيرا في النظر إليهما. فالنظرية في اعتقاده ليست لا تعبيرا ولا ترجمة للممارسة. إنها هي أيضا ممارسة محلية وجهوية، تعمل في صورة سلسلة من الإبدالات أو المناوبات بين ممارسة وأخرى. فالنظرية تكون دائما محلية ومشدودة إلى مجال محدد ومحصور، لكن على الرغم من ذلك يمكن أن تعثر على تطبيقها في مجال آخر بعيد عن مجالها إلى هذا الحد أو ذاك. ثم إن النظرية بمجرد ما تغرق في مجالها الأصلي لا تلبث أن تصادف عوائقَ وأسوارا وعقباتٍ تفرض عليها المناوبة بنمط أخر من الخطاب يدفعها إلى مجال آخر مختلف عن مجالها الأصلي. أما الممارسة فلا تزيد هي أيضا عن كونها مناوبات بين موقع نظري وآخر. لا تستطيع النظرية أن تتطور من دون أن تصادف جدارا في طريقها. ولاختراق الجدار ومجاوزته لا مناص من التعويل على الممارسة. وفي سياق هذا الحوار صاغ دولوز عبارته الشهيرة التي كثيرا ما يطرد الاستشهاد بها والتي تقضي بأننا يجب أن نفهم النظرية من حيث إنها علبة أدوات (une boite à outils)، أو نظارات يمكن أن تكون مفيدة ناجعة في رؤية العالم أو غير مفيدة. إذا لم تنفع النظرية في وضع بعينه، تعين على الناظر/الممارس أن يجهز نظرية أخرى يمكن أن تسعفه في ذلك..


Gille Deleuze. « Les Intellectuels et le Pouvoir (avec Michel Foucault)» in L’Île Déserte : Textes et Entretiens 1953- 1974. Paris: Minuit. 2002, pp. 288- 298, p. 288- 290.

كانط في أعمال جون رولز



يرى كوفمن أن تأثير كانط لا يبدو واضحا الوضوح الكافي في أعمال رولز الأولى (1951- 1955). لم يشرع رولز في الحديث عن أهمية كانط بكيفية صريحة ولافتة إلا في مقاله 'العدالة الإنصافية' (1958). ونستطيع القول مع كوفمن إن مناقشة كانط أصبحت تكتسي باطراد أهمية خاصة في أعمال رولز بين سنتي 1958 و 1980. بيد أن رولز كان دائما ينبه قراءه ويلح على أن أعماله لا تتوخى مطلقا تفسير مقاصد كانط وشرح رؤاه. فقد كان، كما يشير كوفمن، لا يكل أبدا من الإلحاح على أنه لا يزيد عن كونه يطور محاور سبق لكانط أن تناولها على نحو يجعل أعماله قريبة من رؤية كانط أكثر مما هي قريبة من الرؤى الأخلاقية التقليدية الأخرى فقط لا غير.

جون رولز

 Alexander Kaufman “Rawls and Kantian Constructivism” in Kantian Review Volume 17 - Issue 02 - juillet 2012, pp. 227- 256, p. 231.

15‏/07‏/2012

عن 'العدالة' عند هابرماس ورولز



يرى فينلايسن أن مفهوم العدالة عند هابرماس مفهوم أخلاقي عام. إنه بعبارة أوضح حد معياري رئيس في نظرية أخلاقية عامة وشاملة. وإذا كان رولز قد استخدم مفهوم العدالة هو أيضا، فإنه لم يكن يقصد به ما قصده هابرماس. 'نظرية العدالة' عند رولز، كما يقول فينلايسن، ليست نظرية عامة؛ إنها مقيدة المجال ومحددة الهدف. فقد فُصلت أساسا وفي المقام الأول والأخير لكي تعالج ما سماه رولز (1971) بـ 'بنية المجتمع القاعدية'. فإذا كان هابرماس يفهم 'أخلاقيات التخاطب' التي طورها من حيث إنها نظرية أخلاقية عامة – أي نظرية تتناول السلوك القويم على جهة التعميم – فإن رولز ينفي صراحة أن تكون نظريته أخلاقية بهذا المعنى العام الذي يقصده هابرماس. لهذا السبب يتعين علينا، كما يقول فينلايسن، ألا نستدل من استعمالهما اصطلاح 'العدالة' على أنهما يعرضان نظريتين متنافستين لرصد الإشكال نفسه. نحن في حقيقة الأمر أمام إشكالين: أحدهما خاص (رولز)، والثاني عام (هابرماس). 'نظرية العدالة' تتناول المشكل الخاص، و'أخلاقيات التخاطب' تتناول المشكل العام. وكل مقارنة بين النظريتين لا يأخذ صاحبها بعين الاعتبار هذا الفرق الجوهري بين المشروعين ستضيع لا محالة في الطريق، ولن تخلص على الأرجح إلى استنتاجات ذات معنى.

ج. غ. فينلايسن

James Gordon Finlayson “The Habermas–Rawls Dispute Redivivus. Journal of International Political Theory. Volume 3, Number 1 April 2007, pp. 144-162, p. 145-146.


سلافوي جيجيك وهيجل

صورة غلاف كتاب جيجك الأخير

قال جيجيك مرة: "لو قدر لي يوما أن أختار من بين المفكرين واحدا فقط لا غير، لما ترددت في أن أختار هيجل وأجعل منه فيلسوفي المفضل". ولا يكف في أعماله الكثيرة المختلفة عن الإلحاح على أن مشروعه الرئيس في العمق قائم في التمكين لنظرية الذاتية كما صاغتها المثالية الألمانية من العودة ثانية والانتشار في صيغة مُعدَّلة ومُراجَعة بعيون التحليلي النفسي وفلسفة علم النفس الفرويدي- اللاكاني. كل الأشياء الأخرى تعد في نظر جيجيك تفاصيل بالنسبة إلى هذا المشروع الأكبر في اعتقاده والملحاح. يقول في هذا الشأن: "إنني أحاول أن أقوم بما تلاهى عنه دولوز ونسي القيام به. أي أحاول أن أجعل لاكان يغتصب هيجل... حتى أجعلك تحصل على هيجل ممسوخا... إنه مشروع تقني جدا ومتواضع كما ترى، لكنني أومن به الإيمان كله. الأشياء الباقيات الأخرى عندي تقبل التفاوض كلها وتحتمل الأخذ والرد، ولا أشغل بالي بها مطلقا. يمكنك أن تصنع فيلما سينمائيا عني [يشير هنا إلى الفيلم الذي أعدته عنه أسترا تايلر]، ويمكنك أن تأخذ مني ما شئت، لكنك لن تستطيع أن تأخذ مني هذا المشروع.... ما يُهِمُّني حقيقة هو الفلسفة، وأرى أن التحليل النفسي هو الأداة القصوى لتفعيل إرث المثالية الألمانية وجعله معاصرا لزماننا".