28‏/02‏/2013

ديريدا وسردية الخلاص والتحرر الكبرى




يقول ديريدا:


"أعتقد... أننا لا نستطيع أن نتصور وجود قرار أخلاقي-سياسي أو خطوة في هذا الاتجاه من دون أن يقتضي هذا الأمر وجودَ ما أسميه 'نَعَم' التي تفيد القبول بالتحرر، أو بخطاب التحرر؛ بل أستطيع القول وجود 'نعم' التي تُفيد القَبول بنوع من النزعة الخَلاصية. ومن المُجدي أن أشرح هنا قليلا ما أعنيه بالنزعة الخلاصية.


جاك ديريدا

لا يتصل الأمر هنا بالنزعة الخَلاصية التي يمكن للمرء منا أن يُترجمها بسهولة إلى حدود يهودية مسيحية أو إسلامية، بل يتصل الأمر على الأرجح بِبِنية خَلاصية تنتمي إلى صميم كل لغة. فليس هناك لغة تفتقر أو تخلو من البعد الإنجازي للوعد. في اللحظة التي أفتح فيها فمي لكي أتكلمَ أكون في قَلْب الوعد. حتى لو قلت 'إنني لا أومن بالحقيقة' أو شيئا من هذا القبيل، فإنني بمجرد ما أفتح فمي لأقول ذلك، تشرع القضية: 'صَدِّقوني' في الاشتغال. حتى عندما أكذب، وربما عندما أكذب على وجه التحديد، تكون 'صدقوني' حاضرةً حضورا طَي ما أقول وفي ثناياه. وهذه الـ 'أعدكم بأنني أقول الحقيقة' تُعد قَبْليةً خَلاصية، أي وعدا يكون، حتى لو لم أَفِ به، أو حتى لو أن المرء يعرف أنه وعد لا يمكن الوفاء به، موجودا ويكون من حيث إنه وعد أمرا خَلاصيا. من هذه الزاوية لا أرى كيف يستطيع المرء مِنَّا أن يضع سؤال الأخلاق إذا تنكر لدواعي التحرر والخلاص. التحرر هو مرة أخرى مسألة واسعة ومتشعبة اليوم، ويتعين علي أن أقول هنا إنني لا أطيق أولئك – تفكيكيين كانوا أم غير تفكيكيين- الذين يستهزؤون أو يتهكمون على الخطاب الكبير والشامل المتصل بالتحرر. هذا الموقف كان دائما يُوَترني ويُغضبني. لا أريد أن أتنكر أو أضرب صفحا عن هذا الخطاب".

Derrida, J. “Remarks on Deconstruction and Pragmatism” in Deconstruction and Pragmatism: Simon Critchley, Jacques Derrida, Ernesto Laclau and Richard Rorty. Edited by Chantal Mouffe. London: Routledge, 1996, p. 84-85.


ليست هناك تعليقات: