10‏/04‏/2013

الاطراد في التشتت



"لقد سبق لفوكو أن تحدث في أركيولوجيا المعرفة وهو يحدد مفهوم التشيكل الخِطابي عما أسماه بـ 'الاطراد في التشتت'. ويقصد به أن الخطابات تتألف من عناصر شتى غير متجانسة، يقع صوغُها والربط بينها وسبكها على نحو تبدو فيه منسجمة جامعة وقادرة على أن تمثل موقعا للذات متسقا تستطيع أن تنظر منه إلى العالم وتَفهَمه وتَفعل فيه. فالإسلام السياسي الذي طوره الإخوان المسلمون في مصر على سبيل المثال يعرض رؤية إلى العالم وإلى الأفراد وإلى المجتمع تستند إلى تفسيرات منتقاة للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، مصحوبة بأجزاء حديثة منتقاة أيضا من الخطاب الديمقراطي لا تتعارض، أو هكذا يراد لها أن تكون، مع التفسيرات المنتقاة للنصوص الدينية، ومدعومة أو مُسيجة بآليات بلاغية تشكل حزاما واقيا يَحول دون إبراز التناقض بين ما يُفترض فيه أنه معلوم من الدين بالضرورة، وما يفترض فيه أنه من مقتضيات الخطاب الديمقراطي. وفي إطار هذا التشكيل الخطابي يقع بناء النظريات وتفصيل البرامج وصوغ الشعارات وبناء المؤسسات، حزبية كانت أو مدنية كالجمعيات والمنظمات وغيرها. وفي نطاق التشكيل الخطابي يقع رتق الفصل بين المعنى وتأويل الوقائع أو الأحداث من جهة، والأفعال التي يسمح هذا التأويل بإنجازها والإتيان بها من جهة أخرى".




*-مصطفى الحداد. 'ما بعد الماركسية'  ضمن كتاب: خطابات المابعد : في استنفاد أو تعديل المشروعات الفلسفية. منشورات الاختلاف وضفاف والأمان 2013 (سيوزع قريبا).

ليست هناك تعليقات: