20‏/05‏/2014

المرشد إلى كتاب كانط: الدين في حدود مجرد العقل




 Lawrence R. Pasternack. Routledge Philosophy Guidebook to Kant on Religion within the Boundaries of Mere Reason. London &; New York: Routledge. (December 5, 2013). 288 pages.




غاية هذا الكتاب الرئيسة مراجعةُ التصور الرائج في الأدبيات حول كتاب كانط (الدين في حدود مجرد العقل)، والتصدي بالنقد للدعاوى المنتشرة على نطاق واسع حوله، خصوصا تلك التي تذهب عموما إلى أن كانط يعرض فيه نظرة تشاؤمية عن الطبيعة البشرية، ولا يقدم إلا سلسلة من التهويمات المترددة بين قيم المسيحية ومثل التنوير، تهويماتٍ ترد الدين ردا تعسفيا إلى الأخلاق، وتنتهي إلى خلاصات معادية للإيمان. يرى باستيرناك، صاحب هذا الكتاب، أن الأدبيات التي تنحو هذا النحو في فهم كتاب كانط لم تقرأ الكتاب إلا بكيفية مجتزأة وانتقائية. فمعظم هذه الأدبيات لم تُعنَ العناية اللازمة بالجزأين (أو المقطعين أو القطعتين كما في ترجمة فتحي المسكيني الموفقة) الثالث والرابع، مما جعل أصحاب هذه الأدبيات في وضع لم يسمح لهم بفهم وحدة الكتاب واتساقه بمقاطعه الأربعة كاملة. لهذا السبب أخذ باستيرناك على عاتقه في هذا الكتاب الذي نراجعه بإيجاز شديد هنا تأويل كتاب كانط تأويلا شموليا يكشف عن وحدة التصور الكانطي العضوية.
استند باستيرناك في تأويله إلى مذهب كانط المعروف المتصل بالخير الأسمى. وعلى الرغم من أن هناك اتفاقا بين الباحثين على وجود صلة بين مذهب الخير الأسمى عند كانط وفلسفته الوضعية عن الدين، أخذ باستيرناك على عاتقه بيان هذه الصلة بالاستدلال على أن المقاطع الأربعة التي يتألف منها كتاب كانط يختص كل واحد منها بمكون من مكونات مذهب كانط بشأن الخير الأسمى. فالانتقال من المقطعين الأول والثاني إلى المقطعين الثالث والرابع يوازي البنية المزدوجة المعروفة التي يقوم عليها الخير الأسمى عنده، وهي بنية قريبة من وجوه مما يعبر عنه أحيانا بالتصورين المحايث (أو المُقارِن) والمتعالي للخير، أو الصورة الحُكْمية (أي المتصلة بأحكام الناس) والصورة النمطية الأصلية أو المثلى، ومن عنصري تلك البنية المتمثلين في الطلب من جهة والوعد من جهة أخرى. وقد بين باستيرناك أن الحدود الأولى في هذه الأزواج تحيل على واجب التوق إلى الخير الأسمى، بينما تحيل الحدود الثانية في الأزواج نفسها على الأوضاع المثالية التي يجري فيها توزيع السعادة استنادا إلى الاستحقاق الأخلاقي (انظر تصدير الطبعة الأولى ص 47، الترجمة العربية).
غرض باستيرناك الرئيس يتلخص إذن في الاستدلال المفصل على أن كتاب كانط يمثل رسالة متسقة ومحكمة السبك في الإلهيات الفلسفية، رسالةً تأخذ استدلالاتها بعناق المبادئ الرئيسة التي تنهض عليها المثالية الترنسندانتالية ولا تتعارض أو تتعاند معها. لم يشغل باستيرناك باله برسم صورة لكانط تقضي بأنه لا أَدْري أو رُبوبي، كما لم يعمد إلى المبالغة في الإعلاء من شأن ميوله المسيحية. لا يوجد في كتاب كانط (الدين في حدود مجرد العقل)، حسب باستيرناك، معتقد ديني سري خلف السطح التنويري المكشوف...

ليست هناك تعليقات: