جاك ديريدا |
قال ديريدا عن سورل إن هذا الأخير
حول النميمة إلى حجة في نقاشه معي.. وكان سورل قد أفشى في سياق مناقشته ديريدا وصفا
أطلقه فوكو في جلسة خاصة مع سورل عن نثر ديريدا. كان قد وصف أسلوب ديريدا بالظلامية
الإرهابية. فالنص عند ديريدا، حسب وصف فوكو المروي على لسان سورل، يكتسي درجةً من الغموض
تجعلك لا تستطيع أن تَتَبين بالضبط الأطروحة التي يعرضها (وهذه هي الظلامية)، وعندما
تعمد إلى انتقاده، يبادر إليك مندفعا ويقول: 'إنك أسأت فهمي، إنك بليد' (وهذا هو الإرهاب
بعينه).. !
ميشال فوكو |
انظر الهامش (12، ص 158) في:
Jacques Derrida. Limited Inc. Northwestern University
Press. 1988
جون سورل |
تعقيب:
هذا الخلاف مبني في نظري على
'أحقاد صغيرة' نشأت بين فوكو وديريدا منذ المراجعة الشهيرة التي كتبها هذا الأخير عن
كتاب تاريخ الجنون لفوكو. وقد بدا ذلك واضحا في رد فوكو المتشنج على المراجعة. أما
سورل فينتمي إلى تقليد آخر له فهم مخالف لهوسيرل الذي يعد مصدرا رئيسا من مصادر ديريدا
أيضا.. قراءة سورل لهوسيرل تمر من طريق غوتلوب فريجه، بينما تمر قراءة ديريدا من
طريق هايدغر.. لذلك فإن النقاش بين سورل وديريدا هو نقاش طرشان تقريبا. قراءة الكتاب
الذي أحلتُ عليه أعلاه (Limited Inc) لديريدا فيه مجهود استثنائي بذله ديريدا ليبين نقاطا كثيرة مال
فيها سورل عن جهة الاستقامة في فهمه لأوستين وفي فهمه لكثير من المفاهيم الرائجة في
التقليد الفينومينولوجي الألماني على وجه الخصوص (بالمناسبة أوستين أدرج ما قام به
في محاضراته 'كيف نصنع الأشياء بالكلمات' ضمن 'الفينومينولوجيا اللغوية' وليس ضمن ما
يسمى الآن بالتداوليات!). سورل في نظري أبدع في الأمور التي كتبها في فلسفة الذهن أي
بعد 1983، ويتجلى إبداعه حسب رأيي في كونه ساهم بمعية آخرين وفي مقدمهم ديفيد تشالمرز
(1996) في تحديد مجال فلسفة الذهن وبيان الصلة بين هذه الفلسفة وفلسفة اللغة، خصوصا
فيما يتصل بإشكال القصدية، ثم في مسألة الشعور وخصوصا الفروق القائمة بين الشعور الظاهري
أو الكيفي والشعور المعرفي أو الوظيفي، على نحو سمح للباحثين الذين جاؤوا من بعد أن
يتلافوا الخلط الذي كان سائدا عند الجيل السابق (رايل، فتجنشتاين...الخ). أعمال سورل
في السنوات الأخيرة المتصلة بالمجتمع والسياسة لا تعدو في نظري أن تكون إعادة صياغة
لأفكار فيبر وزيميل وآخرين مع بعض التلقيح غير المجدي في نظري من الناحية الفلسفية
الآتي من النيوروبيولوجيا وعلوم الدماغ عموما...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق