19‏/09‏/2012

الحياة الاصطناعية



يصدر المبحث المسمى بالحياة الاصطناعية (Artificial Life) أو اختصارا بـ(ALife) عن تصور يقضي بأن الحياة آلية وعملية في متناول المعرفة البشرية. وقد تأسس هذا المبحث في سبتمبر 1987، حين بادر كريستوفر لانغتون Christopher Langton، الذي كان يعد بحثا لنيل شهادة الدكتوراه آنذاك، بتنظيم ندوة بلوس ألاموس في نيو ميكسيكو عن موضوع "تركيب الأنساق البيولوجية ومحاكاتها" (Synthesis and Simulation of Biological Systems)، التي نشرت أعمالها كاملة سنة 1989. وبحدود مختصرة يمكن تعريف الحياة الاصطناعية بأنها مجال يدرس البيولوجيا من زاوية تروم خلقها أو تصنيعها. فمعظم الباحثين في هذا المجال يعتقدون أن مخلوقاتنا الاصطناعية (التركيبات الكيميائية، والروبوطات، وخصوصا الحواسيب...) تطورت وبلغت حدا من التعقيد يجعلنا نتطلع إلى صناعة الحياة وتخليقها. وقد عرف لانغتون (1989) الحياة الاصطناعية قائلا: "تُعنى الحياة الاصطناعية بدراسة الأنساق التي تبنيها يد الإنسان والتي تكشف عن تصرفات تتميز بها في مستقر العادة الأنساق الطبيعية الحية. فالحياة الاصطناعية مبحث يكمل ويتمم العلوم البيولوجية التقليدية التي تدرس الأجهزة العضوية الحية، ويسعى إلى تركيب السلوكات الشبيهة بسلوك الحي عن طريق استعمال الحواسيب وغيرها من الحوامل الاصطناعية الأخرى. والحياة الاصطناعية إذ توسع الأسس التجريبية التي تقوم عليها البيولوجيا التي تدرس الحياة القائمة على الكربون التي تطورت في الأرض، تساهم مساهمة فعالة في البيولوجيا النظرية بإدراج الحياة كما نعرفها في فضاء أكثر رحابة واتساعا، أي الحياة كما بإمكانها أن تكون".


أما هدف الحياة الاصطناعية فقد سطره لانغتون (1986) قائلا: "هدف الحياة الاصطناعية الأسمى هو أن تخلق 'الحياة' في حامل أو سند آخر غير السند الطبيعي، ويُستحب أن يكون سندا افتراضيا يسمح بفصل جوهر الحياة عن تفاصيل تحققه في أي سند كان. فنحن نصبوا إلى بناء نماذج تكون شبيهة إلى حد بعيد بالحي إلى الحد الذي تكف فيه عن أن تكون مجرد محاكات للحياة لتصبح أمثلة أو شواهد عليها".
 وقد تحدث الفيلسوف دانيال دينيت (1998) عن الطاقة التي يختزنها مبحث الحياة الاصطناعية هذا، وعن الآفاق المذهلة التي يفتحها أمام البحث الفلسفي قائلا: "إن الحياة الاصطناعية باختصار تُعنى بالإبداع الاصطناعي لتجارب فكرية مراقبة، تتمتع بدرجة عالية من التعقيد... ولا شك أن الفلاسفة، الذين أتيح لهم أن يشهدوا في زمانهم هذه الفرصة، سيهرعون إلى المجال ليستفيدوا منه في أي مستوى تجريدي يلبي أغراضهم ويحصن أجهزتهم المفهومية ويشحذها بما تقدمه الحواسيب من مزايا محاكاتية"..

Dennett C. D, Brainchildren: Essays of Designing Minds. Cambridge, Mass.: MIT Press, 1998, p. 261- 262.
LANGTON C.G., « Studying Artificial Life with Cellular Automata », Physica D, Volume 22, Issues 1–3, October–November 1986, pp. 120- 149, p. 147.
LANGTON C.G., Artificial Life I, Addison-Wesley, 1989, p. 1.

ليست هناك تعليقات: