15‏/05‏/2012

زارا يناجي نفسه






 ف. نيتشه

"كان زارا يناجي نفسه.. والشمس في الهاجرة، وإذا به يسمع صوتا جارحا في الفضاء، ولاح له نسر يعقد حلقات في طيرانه وقد تعلق به أفعوان، وما كان النسر يقبض عليه بمخلبيه كفريسة، بل كان الأفعوان ملتفا حول عنقه التفاف المحب.
فهتف زارا والحبور يملأ فؤاده: هذان نسري وأفعواني، فالنسر أشد الحيوانات افتخارا، والأفعوان أشدها مكرا تحت الشمس، وكلاهما ذاهبان مستكشفيْن في الفضاء ليعلما ما إذا كان زارا لم يزل في الحياة، فهل أنا لم أزل حيا بعد؟
لقد اعترضني من المخاطر بين الناس ما لم أجد مثله بين الحيوانات، إنني أتبع السبل الخطرة فلأقتدينَّ بنسري وأفعواني.
ونذكر زارا القديس المنعزل في الغاب فتنهد وقال:
لأكونن أوفر حكمة، لأكونن ماكرا كأفعواني، غير أنني أطلب المستحيل، لذلك أتوسل إلى افتخاري أن يلازم حكمتي ولا ينفصل عنها.
وإذا ما تخلت حكمتي عني يوما وهي تتوق إلى الطيران وا أسفاه، فإنني لأرجو أن يطير افتخاري مستصحبا جنوني.
وهكذا بدأ جنوح زارا إلى المغيب...".


فريدريك نيتشه 'هكذا تكلم زرادشت' ترجمة فليكس فارس. مطبعة جريدة البصير، الأسكندرية. مصر ص 16.

ليست هناك تعليقات: