10‏/08‏/2012

عن الرغبة والواقع عند سلافوي جيجيك



سلافوي جيجيك

يتحدث جيجيك عن لاكان ويرى أنه يذهب إلى أن اتساق تجرتنا مع الواقع يتوقف على إقصاء موضوع الرغبة منه (الموضوع هنا بالمعنى الذي يسميه لاكان بـ (l’objet petit a)). بعبارة أخرى لكي نتمكن من الإمساك العادي أو السوي بالواقع، يجب أن يقع إبعاد شيء ما من هذا الواقع وإقصاؤه. في حالة البارانويا لا يقع الإبعاد، فيظل الشيء، صورة كان أو صوتا أو أي شيء آخر، مدرجا في الواقع. وهذا هو الذي يسبب تفكك الإحساس بالواقع عند صاحب البارانويا وفقدانه للواقع. وبما أن هذا الموضوع هو موضوع أولي خيالي، فإننا نستطيع القول إن إحساسنا بالواقع يتفكك عندما يقترب الواقع كثيرا من خيالاتنا الأساسية. هنا يجب علينا أن ننتبه إلى المفارقة التي ينطوي عليها هذا السؤال: متى يحدث لنا أن نحس بفقدان الواقع في تجربتنا؟ إننا لا نفقد الواقع كما قد يهيأ إلينا عندما تتسع الهوة وتتعمق بين كلماتنا والأشياء، بحيث نكون في وضع كما لو أن الواقع لم يعد يتلاءم مع إطارنا الرمزي الذي نصدر عنه في الفهم، بل نفقد الواقع عندما يتلاءم هذا الواقع مع كلماتنا تلاؤما تاما، أي عندما يكون محتوى كلماتنا مجسدا تجسيدا حرفيا فيما يقابله من أشياء. يكفي هنا أن نتذكر اشمئزاز فرويد وعدم ارتياحه حين زار معبد الأكروبوليس اليوناني بعد سنوات وهو يقرأ عنه ويتخيله. فقد فوجئ فرويد وطوح به العجب لما وجد الأشياء كلها في المعبد كما قرأ عنها تماما. فما كان منه إلا أن شعر بفقدان الواقع وحال لسانه يقول: لا، هذا لا يمكن أن يكون هو الواقع.
ما هو الخيال(
fantasy) إذا؟ يجب ألا يغرب عن بالنا أبدا أن الرغبة التي تُلبى أو تحقق في الخيال ليست رغبة الذات بل رغبة الآخر.  


Slavoj Žižek (1996) “The Seven Veils of Paranoia, or, Why Does the Paranoic Need Two Fathers”. In Constellations Vol. 3. Issue 2, pages 139–156, p. 146.

هناك تعليق واحد:

Entrümpelung يقول...

Thank you for your wonderful topics :)