لا
يمكن للمرء أن يغض الطرف عن خلاف هولدرلين الشهير مع هيجل. فحين قرر هولدرلين
التوقف عن السير على نهج فيشته وشيلينغ وهيجل في فهم العالم، عقد العزم وجمع
الخواطر على أن يتابع نهج الشعر. هيجل كان قد حسم أمره في مسألة الشعر والفن عموما
لمّا حكم على الفن بفروعه المختلفة وعده جزءا من الماضي، وآمن بأن الحقيقة لا يمكن
أن تنكشف ويُمسَك بها ويُعبَّر عنها إلا من طريق الصيغ التصورية التي تسمح بها الفلسفة. هيجل كان يرى أن
معاصريه الرومانسيين (بمن فيهم هولدرلين، ونوفاليس أيضا) واقعون في شَرَك الحنين
إلى صيغ في مقاربة الحقيقة جاوزتها الفلسفة ونسختها نسخا. ميزة هولدرلين قائمة في
أنه دافع عن موقفه باستعمال الصيغتين الفلسفية والشعرية (لتمكنه منهما معا) وحاول
أن يبين أن الواقع ينكشف للشعر ولا يتناغم مع الصيغ التصورية التي يدافع عنها
هيجل. (طبعا سيستثمر هايدغر مجهود هولدرلين لاحقا وسيبني عليه..) من الجهة
السياسية سيعلق ميرلو- بونتي في سياق آخر لاحقا على هذه العلاقة المتوترة التي
جمعت هيجل بهولدرلين قائلا: "إن تسوية هيجل كان لها مستقبل في الفكر السياسي
أكثر من جذرية هولدرلين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق