تقول حنا آرنت:
"تستند سلطة الحكم إلى إمكان الاتفاق مع الآخرين. فالعملية
الفكرية التي تنشط في ذهني أثناء حكمي على شيء معين لا تكون حوارا بيني وبين نفسي،
بل تجد نفسها دائما، حتى وإن كنت أُعمل ذهني وحدي، في تواصل استباقي مع آخرين أعلم
أنني يجب في نهاية المطاف أن أتفق معهم... هذه الطريقة الموسعة في التفكير... لا
يمكن أن تجرى في العزلة أو في الوحدة التامة؛ إنها تحتاج إلى حضور الآخرين. إنها لا
تكون طريقة موسعة في التفكير إلا لكونها تفكر من موقعهم وتأخذ بعين الاعتبار
منظورهم، إذ من دونهم لا يمكن أن يسعفها الحظ في أن تكون طريقة في التفكير إجرائية
أبدا".
إن اختبار مقدار عموم الدعاوى والمصالح يتطلب إعمال ما أسمته سيلا
بنحبيب بـ "الاستدلال انطلاقا من زاوية نظر الآخرين". السعي في التركيز
على هذا "المنظور الاجتماعي"، أي المنظور الذي يراعي الغير في الاستدلال
كما هو واضح لدى آرنت في النص أعلاه، نجده لدى رولز في مفهومه عن الموقع الأصلي، ونجده
لدى هابرماس في مفهومه عن الوضع المثالي للتخاطب، كما نجده واضحا أيضا لدى باري في
مفهومه عن التعويل على الاستدلال المحايد. كل هذه الصياغات المفهومية التي نلاقيها
عند رولز وهابرماس وباري تشترك، على الرغم من اختلافها من حيث التفصيل، في نزوعها
إلى تصور موقع غير منحاز يسمح الانطلاق منه بالإتيان ببعض صور الاستدلال العملي...
Cited by David Held : “Principles
of cosmopolitan order” in The Political Philosophy of Cosmopolitanism. Gillian
Brock, Harry Brighouse (Editors) Cambridge University Press, 2005, p.24-25.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق