19‏/06‏/2012

عن الثورة وخيانتها

ج. ستالين


لقد كانت النازية تطارد أعداء النظام 'الحقيقيين' (الشيوعيين، والمقاومين...الخ). أما الشرطة الستالينية فقد انخرطت في تلفيق التهم المقرفة للثوار أنفسهم، بدعوى تآمرهم على الثورة وخيانة مبادئها. وعندما نعود إلى الاعترافات التي كان يدلي بها المتهمون في المحاكمات الصورية الستالينية (اعترافات بوخارين على وجه الخصوص) نلفيها تطبق حرفيا المبدأ القاضي بأن على المتهمين أن يضحوا أمام الملأ بذواتهم ويقدموها قربانا على مذبح المصلحة العليا للحزب. وعلى الرغم من أن الفاعلين كلهم كانوا على علم ببراءة المتهمين التامة، وبعبثية الاتهامات الموجهة إليهم، فإنهم كانوا كلهم (وفي طليعتهم المتهمون أنفسهم) يسلكون كما لو أن التهم المعروضة أمام أنظار المحكمة صحيحة ثابتة، مضحين رمزيا بالأفراد المتهمين بتهم الكل يعلم أنها باطلة.
يناقش الفيلسوف سلافوي جيجيك هذا القرف الأخلاقي ويدفع بالأمور إلى أقصاها عندما يبين أن الشيوعيين الستالينيين بما أنهم ليسوا آلات صماء، وليسوا مجرد ممثلين على خشبة مسرح الضرورة التاريخية القصوى، فإنهم كانوا على حق تماما فيما كانوا يقومون به ! فقد كانوا، وهم في وضعهم التكاذبي هذا، يعترفون بـ 'وجود' ثورة، وبأنهم 'خانوا' هذه الثورة كلهم. فهم، من جهة كونهم أفرادا، لم يكونوا مذنبين، لكن على الرغم من هذا تُقدم هذه المحاكمات، من خلال طقس تطهير المتهمين المفترضين من خيانتهم، الشهادة على وجود مشروع ثوري 'حقيقي' وعلى وجود خيانة تعرض لها هذا المشروع، حتى ولو لم يكن الموجودون في قفص الاتهام هم الخونة الحقيقيون.. !

ليست هناك تعليقات: